العيش في الوهم الاجتماعي وتأثيره على الإدراك والقرارات اليومية
العيش في الوهم الاجتماعي وتأثيره على الإدراك والقرارات اليومية
كتب بواسطة: حاتم بن فهد |

يُعد الوهم الاجتماعي أحد أبرز الظواهر النفسية التي تؤثر في تشكيل نظرتنا لأنفسنا ومجتمعنا. هذا الوهم لا ينبع من فراغ، بل يتغذى على مقارنات مستمرة مع الآخرين، وتوقعات مثالية، وصور نمطية تُضخّ من الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. ومع استمرار هذا التأثير، يصبح من الصعب على الفرد التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مزيف، بين ما يريده لنفسه فعلاً وما يتصور أنه يجب أن يكون عليه.
إقرأ ايضاً:السعودية تفتح الباب لفرصة استثنائية عام 2025.. برنامج جديد يغيّر قواعد الإقامة للأبدقفزة جنونية في قلب الرياض.. محل صغير يتحول إلى ثروة بملايين الريالات خلال 3 عقود!

كيف ينشأ الوهم الاجتماعي في حياتنا اليومية؟

يتشكل الوهم الاجتماعي عادة نتيجة التفاعل مع بيئات اجتماعية ومحتوى إعلامي يفرض معايير محددة للنجاح والجمال والسعادة. فنجد الفرد يقارن نفسه بمن حوله أو بمن يراهم على الشاشات، دون أن يدرك أن ما يراه ليس إلا نسخة منتقاة من واقع قد لا يكون موجودًا بالفعل. هذه المقارنات المستمرة تؤدي إلى الإحساس بالنقص، وتُنتج حالة من الإحباط وفقدان الثقة بالنفس.

وسائل التواصل الاجتماعي اليوم هي المسرح الأكبر لهذا الوهم، حيث تُعرض حياة مثالية لأشخاص آخرين، فيعتقد المتابعون أنهم أقل منهم حظًا أو مكانة، متناسين أن كثيرًا من تلك الصور لا تعكس الواقع، بل هي تجميل متقن لحظات محددة.

التأثير النفسي والاجتماعي للوهم على الأفراد

يؤثر العيش في وهم اجتماعي بشكل مباشر على الصحة النفسية للأفراد. قد يُصاب الشخص بالاكتئاب أو القلق نتيجة شعوره الدائم بأنه لا يحقق ما يجب عليه تحقيقه، أو أنه ليس بالمستوى المطلوب مقارنة بالآخرين. كما ينعكس هذا الوهم على القرارات اليومية، كاختيار نمط الحياة أو العلاقات أو حتى المهنة، بناءً على تصورات لا تعكس القيم الحقيقية للفرد، بل ما يظنه "مناسبًا" وفق معايير المجتمع.

هذا النوع من التوجيه غير الواعي قد يُفقد الإنسان مسار حياته الواقعي، ويجعله يركض خلف أهداف لا تنبع من ذاته، بل من ضغط اجتماعي خفي يفرض عليه ما يجب أن يكون، لا ما يريد هو أن يكونه فعلًا.

كيف نواجه الوهم ونعيد بناء وعينا الذاتي؟

تبدأ مواجهة الوهم الاجتماعي بالوعي بوجوده أولًا. على الفرد أن يُدرك أن ما يراه ليس دائمًا الحقيقة الكاملة. من المهم تنمية مهارات التفكير النقدي، والتمييز بين المحتوى الواقعي والمُجمّل. كما أن ممارسة الامتنان والتركيز على ما يمتلكه الفرد فعلًا يساعد على تقوية شعوره بالرضا والثقة.

الابتعاد الجزئي عن منصات التواصل، أو استخدامها بوعي، يمكن أن يُعيد للفرد نظرته الواقعية للحياة. كذلك، بناء علاقات حقيقية وصحية مبنية على التقدير الذاتي والتفاهم، يُسهم في تحصين النفس ضد المقارنات الوهمية.

العيش في الوهم الاجتماعي لا يضر فقط بإدراكنا للواقع، بل يُسلب منا شعورنا الحقيقي بالإنجاز والقيمة الذاتية، لذا فإن التحرر منه هو أول خطوات العيش بوعي واتزان.

أحدث الأخبار
اخر الاخبار