قطر تُعيد هيكلة سوق العمل
قطر تُعيد هيكلة سوق العمل وتكشف عن نسبة توطين عالية
كتب بواسطة: سعيد مبارك |

في خطوة تعبّر عن التزام دولة قطر الحازم بتحقيق أهداف رؤية 2030، كشفت الحكومة القطرية عن قانون التوطين الجديد، الذي يُعد بمثابة تحول جذري في بنية سوق العمل، ويهدف إلى تعزيز مشاركة المواطنين القطريين في القطاع الخاص، بما يعزز من كفاءة الاقتصاد ويؤسس لمرحلة جديدة من التنمية المستدامة، القانون الجديد لم يأتِ بمعزل عن التوجهات الوطنية الكبرى، بل جاء مدفوعًا بتوجيهات مباشرة من صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي يحرص على دعم السياسات التي تضمن توازنًا بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.
إقرأ ايضاً:كلمة واحدة من التميمي تشعل الجدل.. هل النصر في طريقه لتحقيق لقب الدوري؟السعودية تفتح الباب لفرصة استثنائية عام 2025.. برنامج جديد يغيّر قواعد الإقامة للأبد

يمثل هذا القانون نقطة ارتكاز نحو بناء اقتصاد أكثر تنوعًا وأقل اعتمادًا على العمالة الوافدة، وذلك من خلال رفع نسب التوطين في القطاعات الحيوية، وتقديم حوافز حقيقية للقطاع الخاص لتوظيف وتأهيل المواطنين، ويُعد القانون رقم (12) لسنة 2024 بمثابة وثيقة إصلاح اقتصادي واجتماعي، وضعت ملامحه بعناية، ليستجيب لتطلعات الشباب القطري، ويرسم لهم مسارًا مهنيًا قائمًا على الجدارة والفرص العادلة.

اعتمد القانون على استراتيجية ثلاثية المحاور، تبدأ بتحفيز الشركات الخاصة على التوطين، عبر ربط الامتيازات الحكومية بنسبة التزامها بتوظيف المواطنين، كما تضمّن القانون آليات رقابية تُلزم الجهات المخالفة بعقوبات رادعة، لضمان تنفيذ بنوده بدقة وعدالة، وإلى جانب ذلك، أطلقت الحكومة برامج شراكة مع مؤسسات أكاديمية داخلية وخارجية لتأهيل الخريجين القطريين، وتجهيزهم لسوق العمل بمختلف تخصصاته.

أحد أبرز مظاهر التغيير التي أحدثها القانون هو تصنيف الشركات حسب حجمها وقطاعها الاقتصادي، مع فرض نسب توطين متفاوتة قد تصل إلى 35% في بعض المجالات كالتكنولوجيا، والمال، والصناعة، ويمتد أثر القانون ليشمل تقديم عقود عمل تنافسية، ومكافآت مجزية، وتغطيات تدريبية، تضمن ليس فقط دخول المواطن إلى الوظيفة، بل ونجاحه واستقراره وتطوره المهني فيها.

القطاع الرقمي والتكنولوجي كان من أكبر المستفيدين من هذه الحزمة، حيث شهد دعمًا مباشرًا لريادة الأعمال، وتوفير فرص نوعية للكفاءات الشابة، بينما حظي القطاع المالي والمصرفي باهتمام خاص لتعزيز الشفافية والاستقرار الاقتصادي، أما القطاع الصناعي، فقد أُعيد تشكيله ليصبح جزءًا من منظومة الإنتاج المحلي المستدام، في حين يُتوقع أن يسهم القانون في توطين الفعاليات الرياضية والترفيهية الكبرى التي تستضيفها قطر.

التأثيرات المنتظرة لهذا القانون تتجاوز تحسين معدلات التوظيف فحسب، بل تُرسّخ مكانة قطر كدولة رائدة في العدالة الوظيفية، وتُسهم في خلق بيئة عمل جاذبة، تُشجع المواهب من الداخل والخارج على الاستثمار في طاقاتهم داخل البلاد، كما يسهم القانون في تخفيض الاعتماد على الوظائف المستوردة عالية التكلفة، مما يُعزز من استقلالية الاقتصاد الوطني.

رؤية قطر 2030 لم تعد طموحًا نظريًا، بل أصبحت خطة قابلة للتنفيذ، تدعمها سياسات واضحة، وتشريعات طموحة مثل قانون التوطين، الذي يُعد بمثابة حجر الزاوية في التحول نحو اقتصاد معرفي، يقوده المواطن، ويُدار بكفاءة، ويزدهر بالفرص التي تستثمر فى الانسان أولا.

أحدث الأخبار
اخر الاخبار